إشكالات التمثيل وسوء التمثيل الثقافي في القصيدة السردية المعنونة "حكاية الجاور (الكافر)" للّورد بايرون (1813)
الملخص
يُعد التمثيل الثقافي موضوعاً حاضراً بقوة في الأدب لأن الأدب يعد وعاء للفكر والثقافة وموجهاً للسلوك الإنساني. يمتاز الأدب بأنه قناة لا غنى عنها في معرفة وفهم والتواصل مع الثقافات والشعوب الأخرى. ومع ذلك فإن هذا النوع من الفهم كثيرا ما يكتنفه نوع من الضبابية نتيجة نقص معرفة "الآخر" وبالتالي يؤدي هذا إلى سوء تمثيل ثقافي للشعوب والثقافات الأخرى في الأعمال الأدبية.
ومتى ما كان أي طرف تحت تأثير "نحن الأفضل والأرقى" وهم "الأدنى والأحقر" فإن التشويه المتعمد لصورة الآخر يكون سيّد المشهد لا محالة. المثال الأبرز للتشويه المتعمد لصورة الآخر هو التمايز الثقافي بين الشرق والغرب عبر العصور التاريخية المختلفة بدءا من العصور الوسطى حتى العصر الراهن، ويكون الشرق غالباً في الجانب الأضعف. يفترض أن الأدب والأدباء يُظهرون الثقافات والشعوب الأخرى على نحو يتسم بالموضوعية والعدل ليسهموا في الفهم الثقافي الصحيح المتبادل بين الثقافات، خاصة في عهد العولمة، وفي أوقات يحتاج العالم فيها للالتفاف والتعاون.
البحث الذي بين أيدينا يتناول إشكالات التمثيل و سوء التمثيل الثقافي في قصيدة الأديب والشاعر الإنجليزي الشهير اللورد بايرون المعنونة بـــ "الجاور" وهي تعني الكافر بالتركية. "الجاور" هي قصيدة سردية (سماها بايرون حكاية تركية) تحكي قصة نصراني أقام علاقة غير شرعية مع فتاة عثمانية من الإماء اسمها ليلى. اُعتبرت العلاقة غير مقبولة اجتماعياً لأن العاشقَين ينتميان إلى ديانتين مختلفتين. الطريقة التي تناول بايرون بها القصة توحي بعدم معرفته وفهمه لثقافة الشرق وإن كان الباحث يرجح أن ذلك لم يكن متعمدا من الكاتب بل لنقص معرفته غير المبرر فشهرة الكاتب وإقامته قريبا من المشرق لا تبرران جهله بثقافة الشرق. ومن ذلك أنه خلط بين الحياة الاجتماعية للعثمانيين وتعاليم الإسلام وجعلها هي الإسلام! كما حكم على أنماط الحياة الاجتماعية لدى الآخر بناء على مفاهيمه الشخصية.
خلص البحث إلى ضرورة الفهم الصحيح لثقافة الآخر منعاً لحدوث سوء التمثيل الثقافي، وإن كان هذا يسوغ من العامي وغير المتعلم فلا يسوغ من كبار الكُتّاب.