تطوير الخطاب في بيئات العمل في ضوء معطَيات المناهج اللغوية النقدية: من التقاليد الإدارية إلى الإمكانات اللغوية
الملخص
يعنى البحث بسبل تطوير الخطاب في بيئات العمل في ضوء معطيات المناهج النقدية، ويمثّل همزة وصلٍ بين علمي اللغة والإدارة، ومحاولة توفيقية بين الوظيفة والبنية في اللغة المتداولة في بيئات العمل، فالتقاليد الإدارية قد صبغت هذه اللغة بصبغة إدارية معينة غلّبت فيها جانب الوظيفة والهدف الرسمي، وربما غابت حينها بعض الإمكانات اللغوية المتاحة أمام من يتصدى لهذا الخطاب كتابةً وتحدّثًا؛ ومن هنا فالمجال متاحٌ لتطوير الخطاب الوظيفي في بيئات العمل.
وتقوم فكرة البحث على محاولة تشكيل لغةٍ يكتبها الموظف وينطق بها وهو عالمٌ بما يحقق هدفه وغاياته من وسائل لغوية وآليات واستراتيجيات، فيتحدث اللغة ويكتبها بوعي، وكل هذا ينعكس إيجابًا على تطوير هذه اللغة.
وتناولت خطة البحث: مفهوم الخطاب وأهميته في بيئات العمل، وسمات الخطاب في بيئات العمل ودور المنظمات في تطويره، والتخطيط للخطاب من حيث التفكير في الهدف واستحضار المتلقي والمقاصد مع رعاية الموقف، وتناولت بعدها استراتيجيات الخطاب المعروفة، وهي: الاستراتيجية التوجيهية، والاستراتيجية التضامنية، والاستراتيجية التلميحية، والاستراتيجية الإقناعية، وتلا ذلك الحديث عن اختيار الألفاظ، خاصةً من حيث تحديد الدلالة والوضوح، ثم تناولت العدول، خاصةً في التقديم والتأخير والإيجاز، ثم تحدثت عن علاقات النص، من حيث توافر التماسك اللفظي فيه وترابط المعنى، مع الحديث عن التناص، ولم تخلُ مطالب البحث من ذكر نماذج من واقع العمل في المنظمات، مع ختم كل مبحثٍ بإجراءاتٍ تطويرية تفيد من يتصدى لكتابة الخطابات.
ومن نتائج البحث أنه كشف عن الإمكانات اللغوية التي يمكن أن تضيفها معطيات النقد الحديث للخطاب في بيئات العمل بأنواعه المختلفة، وهذه الإمكانات اللغوية تجعل الخطاب متفاوتًا من كاتبٍ لآخر بحسب توافر الوعي بهذه الإمكانات لدى الكاتب، ويرى الباحث أن أهم المناهج التي ترتقي بمستوى الخطاب هي التداولية والأسلوبية وعلم النص؛ إذ تسهم هذه المناهج أكثر من غيرها في بناء الخطاب وترابطه لفظيًّا ومعنويًّا، وتوظيف الاستراتيجيات المختلفة، واختيار المفردات وتوظيف التراكيب الأنسب، وغير ذلك.