منهج المقابلات في التفكير البلاغي
Abstract
منهج المقابلات في التفكير البلاغي
محمد بن عبدالرحمن الخراز
أستاذ مساعد البلاغة والنقد الأدبي، قسم اللغة العربية وآدابها
كلية اللغة العربية والدراسات الاجتماعية، جامعة القصيم
ص. ب 5168، بريدة 51422
(قدم للنشر 15/9/1428هـ؛ وقبل للنشر 17/11/1428هـ)
ملخص البحث.من الواضح أن فهم منهج العمل وآلية التنفيذ ركيزتان أساسيتان في فهم العمل ذاته، ومِن ثَمَّ القدرة على الإسهام في تطويره، وسد ثغراته ، وهذا البحث يُنعم النظر في جانب من جوانب التفكير البلاغي، وهو المقابلات، ويهتم أولا ببيان مفهومها، مُفرِّقا بينها وبين مقارِباتها من المصطلحات، أي (المقارنة) و(الموازنة)، ويَستنتج أن المقابلات لا تُلزم بالترجيح، بل تتعارض معه في الأصل، إذ البلاغة في جوهرها تَربِط الجمالَ بالمقام، فالحُكم فيها نِسبي..
وتطرق البحث لأهمية المقابلات في نشأة علم البلاغة وتطويره، مستندا في ذلك وفيما يليه من المباحث والعناصر إلى أقوال أهل هذا العلم، بما يبرز أهميتها في التأسيس لواضعي القواعد ومستنبطيها من خلال مقابلة الأساليب ببدائلها، ومِن ثَمَّ اكتشاف الفروق وتصنيفِها بحسب المقامات الملائمة لكل أسلوب وصيغة.. وهكذا يتأسس كثير من القواعد، وما يتفرع عنها من التقسيمات المختلفة.
وتطرق البحث لتاريخ المقابلات فَأَبَانَ كم هو مغرق في الأصالة والتقدُّم في تاريخ الملاحظات البلاغية، والفكرِ البلاغي.
وانطلاقا من اعتبار المقابلة منهجا علميا فقد التمس البحثُ شروطه ومبادئه في نظر البلاغيين، فَبَيَّنَ أن من أهمها التسليمُ بفكرة (النظم)كما قررها عبد القاهر الجرجاني، وما تَقتضيه من احترام الفروق بين الأساليب، ولو كان دقيقة.. وتقديرِ الفروقِ بين الألفاظ ولو قيل إنها مترادفة.
واهتم البحث بصفات البلاغي الجدير بالنجاح في إتقان المقابلات فَبَيَّنَ أنَّ من أهمها تَمتُّعه بالذوق الفني الراقي، وقدرتُه على تعليله بامتلاك أدوات التعليل والتفسير للذوق الأدبي، ومن أهمها سعةُ الاطلاع اللغوي، والثقافي،إلى جانب الاتسام بروح الصبر والمثابرة في التدقيق والتأمل عند الفروق بين المتقابلات.
وخُتم البحث بالنظر في مسارات المقابلات البلاغية، فانكشفَ له تَعدُّدها وتنوُّعِها، ومن أهمها مسار المقابلة داخل الصِّيَغ والتراكيبِ والصورِ، والمقابلة بين الألفاظ المقاربةِ الدلالةِ أو ما قيل عنه إنه مترادف الدلالة، في التعبير عن ذات المعنى.. وكانَ البحث قد عُنِيَ بنفي الترادف، وبَيَّن أنه يتعارض بوضوح مع الحس البلاغي وروحه..
وبعد البحث في مسارات المقابلات الفاعلة في تراثنا البلاغي انتقل البحث للكلام عما يمكن القول بأنها مسارات مُهملة عند البلاغيين المتقدمين، ومنها مسار المقابلة بين بلاغات الألفاظ، على النحو الذي فصله البحث.. ومنها مسار المقابلة بين اللغات، وبَيَّنَ البحث بأنَّ أول هذين المسارين قد أخذ نصيبا حسنا من العناية به على أيدي المفسرين، وعامةِ المؤلفين في الدراسات القرآنية، وأنَّ ثاني المسارين قد بدأ يأخذ نصيبا من العناية به على يد الدراسات اللغوية الحديثة، وأنه لذلك جدير بالتعمق فيه وإحيائه. والله الموفق.