المشافهة في النادرة
Abstract
المشافهة في النادرة
د. علي بن الحبيب عبيد
أستاذ مساعد بقسم اللغة العربية وآدابه
كلية اللغة العربية والدراسات الاجتماعية، جامعة القصيم
Ali.abid0@gmail.com
(قُدم للنشر في 24/4/1432هـ، وقبل للنشر في 11/7/1432هـ)
ملخص البحث. تستأثر المشافهة بنصيب من الاهتمام وافر في الحضارة العربية بحكم كون هذه الحضارة حضارة شفويّة أساسا. ولعلّ سمة الشفويّة أن تكون في أدبها القصصي أبْين. ولذلك اخترناها مدخلا إلى دراسة النادرة. ويُعزى اختيارُنا دراسة النادرة لا إلى كونها جنسا أدبيّا قديما لم يحظ من الدّارسين بالعناية المرجوّة فحسب وإنّما يُردّ أيضا إلى رغبتنا في التثبت من صحّة الرأي القائل إنّ النادرة "بنت الشفة" وإنّها من أكثر الأجناس الأدبيّة النثرية شفويّةً.
وقد تضمّن بحثنا أربعة أقسام وخاتمة. ففي القسم الأوّل وهو بعنوان "مداخل" تعرضنا لمسألة المشافهة والتدوين وعرّفنا النادرة. وفي القسم الثاني تناولنا خصائص المشافهة في مستوى الحكاية وتدبّرنا، في القسم الثالث، خصائصها في مستوى الخطاب. وأمّا في القسم الرابع والأخير فنظرنا في علاقة النادرة بالتدوين.
وقد تبيّن لنا أنّ للنادرة في مستوى الحكاية بنية بسيطة وأنّها قصّة أقوال أساسا شخصياتها نمطية مرجعية وغالبا ما تدور أحداثها الوجيزة في المدينة. وهي تنهض على البديهة والارتجال والسماع. وتعتمد على إيجاز اللفظ وكثافة المعنى وتتوسّل بالعبارة السهلة والتواصل الواضح. وهي لا تقتصر في أدائها على مضمون القول وإنّما تتعدّاه إلى الجرس الصوتي الذي يتحقّق مع اللّحن وينتفي مع الإعراب. وترد في الأغلب الأعمّ عارية عن الإسناد لأنّها لا تستهدف الصّدق بقدر ما تبتغي إيقاع المتندّر له في حبائل الوهم والغرابة. على أنّها تقتضي التمثيل والمشاهدة. فهي عرض "مسرحي" متكامل يعسر نقله بالقلم واللسان ولا يُدرك إلاّ بالعيان. فللحركة والهيئة والإشارة والموقف شأنٌ إنْ في نقل النادرة وإنْ في التواصل الإنساني.
ورغم حرصنا على استصفاء أثر المشافهة في النادرة انطلاقا من نصّ مدوّن فإنّ منظورنا بقي خاضعا لآليات كتابيّة وإنّ الصعوبة لتزداد في رأينا لا سيما إن تعلّق الأمر بمسألة فنية محض من قبيل خصائص الشفاهية.