متاهة الأدب بين ثقافة السلطة وسلطة الثقافة في القرن الرابع الهجري
Abstract
متاهة الأدب بين ثقافة السلطة وسلطة الثقافة في القرن الرابع الهجري
الصولي في كتابه: (أخبار الراضي بالله والمتقي لله) أنموذجاً
د. إبراهيم بن محمد أبانـمي
(أستاذ مشارك - قسم الأدب – كلية اللغة العربية - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية)
ملخص البحث. تنهض العلاقة بين السلطة والمثقف على تعاقد ضمني، عماده النفع المتبادل، وسداد حاجة كل طرف إلى الآخر، وإذا كانت حاجة الأديب المثقف هي ما تملكه السلطة من مال ونفوذ ووجاهة، فإن حوائج السلطة هي المعرفة، والرأي، والمشورة، والمشروعية، والإشهار.
وينتج عن هذا التعاقد الضمني نزاع، هو النزاع بين السلطةِ والثقافةِ، أو القوة والعقل، فإذا اتفقت (إرادة) العقل و(إرادة) القوة تحققت أهدافهما، وإذا اختلفت إرادتاهما حصل النزاع، وهو نزاع يؤثّر ولا شك في حياة الأديب، كما يؤثّر في سيرورة الأدب ذاته، من جهة إنشائيته، ومن جهة مقاماته، ومن جهة تطوّره منعتقا من القيود.
وهذا البحث – بين يديك – يندرج في سلك الدراسات التي تنظر إلى الأدب في علاقته الجدلية مع السلطة بما تمنحه من مال وجاه، وذلك من خلال تبئير النظر في كتاب محمد بن يحيى الصولي (أخبار الراضي بالله والمتقي لله).
وتبرز أهمية هذا الاختيار للمدوّنة المدروسة، ومدى نجاعة النتائج الراشحة عنها إذا علمنا أن الصولي ممثّل أصيل من ممثلي (الأدب) ومؤرخ مقرّب إلى (السلطة)، وناطق باسمها، وحفيّ بها، وحريص على صدق الرواية؛ ولذلك كله فقد وقع على كتابه الاختيار لدراسة (الصراع بين سلطة الثقافة وثقافة السلطة)، إذ اشتمل ذلك الكتاب على كثير من الأخبار التي يكشف تمحيصها والبحث في دلالاتها عن الصراع المحتدم بين الأدب والسلطة، ودور كل منهما، ضمن علاقة يظهر فيها الصراع ويضمر، كما يظهر فيها تحقيق كل طرف أهداف الطرف الآخر ضمن علاقة جدلية، نفعية تبادلية.