وسائل الملك عبدالعزيز في تحقيق السلام الاجتماعي في نجد

وسائل الملك عبدالعزيز في تحقيق السلام الاجتماعي في نجد

1319- 1351هـ/1902 - 1932م

د. محمـد بن عبدالرحمن الشيحة

جامعة الإمام محمـد بن سعود الإسلامية - قسم التاريخ والحضارة

ملخص البحث. لقد شهدت منطقة نجد قبيل حكم الملك عبدالعزيز صراعات قبلية مريرة على الماء والكلأ، فعمت الاضطرابات، وانعدم الأمن، فكثر القتل، وتوسعت دائرة الثارات، وانتشرت المفاهيم المغلوطة عن الإسلام، نظراً لانتشار الأمية في أوساط المجتمع؛ وقد استطاع الملك عبد العزيز أن يحقق مشروعه في السلام الاجتماعي في نجد؛ إذْ تعامل مع كل تلك التعقيدات بذكاء وفطنة، من خلال استخدامه وسائل دينية وفكرية، وسياسية واجتماعية، وأمنية وعسكرية. إذ ْقام بتفعيل دور العلماء، والمرشدين وإرسالهم إلى كل أقاليم نجد؛ فزالت تلك المفاهيم المغلوطة عن الدين، وأنشأ هيئات للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في عموم نجد فحوربت الرذيلة، وتوسعت دائرة الفضيلة، ونشر فيها التعليم فانحسر الجهل، وانخفضت نسبة الأمية، وغرس مفاهيم الأخوة الإسلامية بين أبناء المجتمع النجدي، فعم الوئام، وغابت الأحقاد والثارات. وأحسن تعامله مع الناس، فأحبوه، وازدادوا به تمسكاً، كما أحبه خصومه بعد عفوه عنهم: وقد اهتم بإصلاح ذات البين، حثاً وتطبيقاً، كما أنه قام بتفكيك النظام القبلي؛ وحوّل الولاء للدولة، وأمّن الطرق، ونشر العدل بين الناس؛ وواجه خصومه عسكرياً، كما حاربهم نفسياً، عندما لم تنفع أي وسيلة سلمية معهم.

بهذا استطاع الملك عبدالعزيز أن يحقق مشروعه الطموح بإحلال السلام الاجتماعي في نجد خلال فترة وجيزة، وهو ما أثار استغراب الكُتَّاب والمؤرخين من عرب وأجانب؛ فجعلوا يكتبون عنه وعن إنجازاته بإعجاب وإسهاب كبيرين، وما علموا أن إخلاص الملك عبدالعزيز في عمله، وما منّ الله تعالى به عليه من فطنة وذكاء هو الذي عجل في تحقيق ذلك المشروع، الذي لم يقتصر على نجد فحسب؛ بل امتد ليشمل كافة المناطق التي وحدها الملك عبدالعزيز؛ وأطلق عليها اسم المملكة العربية السعودية؛ التي لا زالت إلى يومنا هذا تسير على خطاه، وتقتفي أثره.