سيميائيّة الإشاراتِ الصُّوفيّةِ في البنيةِ السردية للرّواية العِرْفَانِيّة (موْتٌ صَغِيرٌ لـ: محمد حسَن عُلوان أُنْموذَجًا)
الملخص
يتمايز السَّردُ العِرفانيُّ عن غيره من التّجارب السَّرديّة الأخرى بسماتٍ تشكّل أبعادهُ، ورؤاهُ، وشخصيّاتهِ، وعناصره السّرديّة كافَّةً؛ مما جعله يتطلَّبُ جُهدًا قرائيًّا يستبطنُ نصوصهُ ويتتبع إشاراتهِ، ويسبر أعماقها؛ ليستنطقها، وفقَ محاولاتٍ متكررةٍ للفهمِ المرهون بقراءات خاصة تسهم في رموزه.
ومن ثمّ؛ كان اختياري لرواية محمد حَسَن عُلْوَان "موت صَغير" التي اتّخذت مِنَ الشَّيخِ الرّئيسِ محيي الدّينِ بنِ عَرَبيّ منطلقًا لرؤيتها السّرديّة وموقفها من الحياة والموت والرزق والقدر والحساب والسّعادة تلك القضايا الكبرى التي تؤرّق المصير الإنسانيّ.
وقَدْ بَدَا السَّارِدُ فِي رِوَايةِ "عُلْوَان" محَايدًا؛ إذ سَلَّطَ الضَّوءَ عَلَى مختَلَفِ الشَّخْصِيَّاتِ في صُوَرِها المتَباينَةِ، ثُمّ رَسَم مِنْ خِلَالِ نَسْجِ الأَحدَاثِ والزَّمكَانيَّةِ ملَامحَ حيَاتِهُ ومراحِلَ علميّته وعِرفَانيَّتِهِ.
وَقفتِ الدِّرَاسَةُ أَمام عَتَبَاتِ النَّصِّ لأَهَميَّتِهَا ولتَفنُّنِهِ في العِنَايةِ بِها؛ إذ جَاءَتْ معَبِّرةً عَما يَقُولُهُ النَّصُّ وما أَضمرهُ، فَأوضح العُنْوَانُ العَلَاقَاتِ بَينَهُ وبَينَ المحتَوَى مما عَكَسَ صُوفِيَّةَ النَّصِّ الخَالِصَةٍ. وتَوقَّفتِ الدِّراسَةُ أَمام إشَارَاتِ العَتَبَاتِ، وصُوفِيَّةِ التَّصْدِيرِ، وتَتبَّعتِ الإشارَاتِ في البِنيَةِ السَّرْديَّةِ؛ مِن إشارَاتِ الزَّمانِ بتِقنيَاتهِ: كالخُلَاصَةِ، والحَذْفِ، والمشهَدِ الحِوَاريّ، والوَقَفاتِ الوَصْفِيَّةِ.
ووقفَتْ، أيضًا، أمام إشاراتِ المكَانِ؛ إذ انتقلَ بنا السَّارِدُ عبرَ الأَماكِنِ المغلقةِ التي جسَّد مِن خِلالِها حَياةَ البَرزخِ، والمفتُوحَةِ التي تَتفاعلُ معَ انطلاقِ الرُّوحِ في الملَكوتِ ودَرسَتْ طَواسينَ الشَّخصيَّاتِ من خلال الإشاراتِ والرُّموزِ وراءَها.
ومن ثم؛ تتبَّعتْ إشَاراتِ الأَحْدَاثِ، واللُّغَةَ السَّرْديَّةَ في إشَارَاتِها لِلمطلُوبِ، واللُّغةَ الحِوَاريّةَ. وَختمتْ بالوقُوفِ أَمام اجتِرَاحَاتِ النّصِّ الصُّوفِيَّةِ؛ كالكَشفِ، والتَّجلِّي، والوَجْدِ، ودَرسَتْ تَجَليّاتِ القَضَايا الصُوفِيَّةِ الكُبرى: كالأَحوَالِ والمقَاماتِ.